2022/09/13

فؤادي في الهوى ما زالَ طفلا


قالَ لي صاحبي و هو يحاورني هل انطفأت في قلبك جذوة الحب فلم تكتبْ قصيدة غزل فأجبتُه :

فؤادي في الهوى مازالَ طفلا
وإنْ أصبحتُ في السِّتينَ كَهْلا

رأيتُ الحُّبَّ في الستينَ أسمى
مِنَ العشرينَ عاطفةً وفضلا
فشيبُ الرأسِ يمنحُهُ وقاراً
ومِنْ نزقِ الشبابِ الحِلمُ أولى
ودينُ الحبِ قد باتَ اعتقادي
بغير ِظلالهِ لن استظلَّا
فيا منْ ظنَّ إشفاقاً صلاحي
وظلَّ يلومني في الحبِّ جهلا
بلا جدوى ملامُكَ ياعذولي
فلستُ بسامعٍ في الحبِّ عذلا
فإنّي تائبٌ عن كلِّ ذنبٍ
ولستُ بتائبٍ عن حبِّ ليلى
ولا أرضى سواها في فؤادي
حبيباً أن يقيمَ وأنْ يحلّا
وإنْ يطرقْ هواها الطهرُ قلبي
يُجبْهُ بلهفة أهلاً وسهلا
وإكراماً وحبّاً إذ يوافي
أمامَهُ أنثرُ الطرقاتِ فُلّا
وأنظمُ فيهِ ألحاناً عذاباً
بمحرابِ الهوى سوراً ستُتلى
أقامَ الحبِّ في أسمى مكانٍ
قد اتخذَ الفؤادَ لهُ محلّا
بهِ ترقى طبائعنا فنسمو
ونأبى أنْ نُذَلَّ و أنْ نُذِلّا
هواها يستجدُّ معَ الليالي
وباقٍ كالزمانِ فليسَ يبلى
وفي عينيَّ تحلو كلَّ يومٍ
أراها من نساءِ الكونِ أحلى
وإن طابَ الفراقُ لها فقلبي
وفيٌّ عن هواها ما تخلّى
فليلى من جمالِ اللهِ صيغتْ
تروقُ شمائلاً وتسرُّ شكلا
على أكتافِها شلّالُ ليلٍ
يُضيءُ ظلامَهُ بدرٌ اطلّا
نظمتُ لها قوافي الشعرِ عقداً
ثميناً من عقودِ الماسِ أغلى
يشعُّ بجيدها مثلَ الثّريّا
وتسحبُ فيهِ ثوبَ الفخرِ دلّا
بُليتُ بخافقٍ للحسنِ يعنو
ويملكُهُ الجمالُ إذا تجلّى
يرفُّ له كعصفورٍ تهاوى
يكادُ منَ الأضالعِ أنْ يُطلّا
يذوبُ بهِ هوىً ويهيمُ وجداً

فلم يتركْ وقاراً لي وعقلا
بنارهِ يستحيلُ الى رمادٍ
وكم يجدُ انتشاءً حينَ يصلى
ويشقى حينَ ينظرُهُ بعيداً
ويسقيهِ الأسى نهلاً وعلّا
رويدَكَ أيُّها القلبُ المعنّى
لقد أرهقتَني بالحبِّ مهلا
تُقحّمُني مخاطرَهُ اقتساراً
وتدفعني بها كالغرِّ جهلا
إذا هجرَ الحبيبُ بكيتَ حزناً
وإنْ وافى تكنْ نشوانَ جذلا
فيا مَنْ قدْ غزتْ بالحسنِ قلبي
ملأتِ القلبَ من عينيكِ نبلا
فرفقاً بالأسير فقدْ تدمّى
وعطفاً لا تزيدي الأسرَ غلّا

رأيتُ البدرَ من كفّي قريباً
و عنقودَ المنى لي قد تدلّى
و إنّي لستُ أرجو نيلَ وطرٍ
ولستُ أرومُ في لقياكِ بذلا
ولا أبغي التعانقَ في التلاقي
ولا لثمَ الشفاهِ وأنتِ خجلى
فحسبي أنْ تكوني كلَّ يومٍ
كوجهِ الشمسِ مشرقةً وجذلى
حياتي في يديكِ فلا تجوري
عليَّ حكمتِ بالهجرانِ قتلا
وجرّعني الأسى كأساً دهاقاً
غصصتُ بشربها نهلّاً وعلّا
لقد شابهتِ في ظلمي الليالي
فلم أرَ منكِ إنصافاً وعدلا
تنثُّ سرورَها دنيايَ طلّاً
وتمطرني منَ الأشجانِ وبلا


 

2022/09/10

أنا نسخةٌ صغرى من المتنبي


 أنا في العراقِ نهلتُ من شعرائهِ

و على فخامةِ شعرهم متربِّ
حلّقتُ في أجوائهِ متلهّفاً
فالشّعرُ ناداني وجئتُ ألبّي
من حيرةِ الحلّاجِ أدركتُ الهدى
و عرفتُ في كنَفِ القصيدةِ ربّي
وأبو نؤاسَ أحالني بذنوبهِ
لأبي فراسِ فرحتُ أرسمُ دربي
البحتريُّ أتى يهذّبُ قامتي
لا وقتَ عندي لاستغاثةِ قلبي
وأبو العلاءُ أباحَ لي من صوتهِ
خطْفَ العذوبةِ كي أنافسَ صحبي
الشعرُ يزهرُ في العراقِ وربّما
أنا نسخةٌ صغرى من المتنبي

أريد طريقا لي وحدي


 الطريق التي رسمتها على وجه الورق

كي أركض فيها وحدي
سرقته أحذية العابرات
فاحت منه عطور عدة
الحبال التي تمسّكت بها و أنا أسقط من قلبك تمزّقت
عظامي تهشّمت و أنا أرتطم بأرض الحزن
كل الرجال اللاعاديين الّذين عشقوا نبرة الحزن في أناملي الصّارخة
وهي تصفع الطّريق والورق
زوّجتهم نساء عاديّات
وبقيت وحدي إمرأة لا عاديّة تنتظر رجلا عاديّا
الطّريق الذي رسمته على وجه الورق
بمحراث الصّبر
وسط شوك الغياب
سرقته أحذية العابرات بعد أن أضحى ناعما كقلبي
بعد أن التهمت قدماي كل أشواكه ونزفت دهرا
كل عابرة اقتطعت منه قطعة
لكثرة عددهن لم أجد منه قطعة واحدة أقف عليها
لا طريق يؤدي إليك حتى الذي حفرته بأظافري
أحذية العابرات كأفواه التماسيح
التهمته إلى آخر سنتيمتر
لا طريق أمامي كي أجري نحوك
إني أسقط في الفراغ
أ
.
.
س
.
ق
..
ط

2022/09/09

نُسْك


 أسماء عديدةٌ

تمَّحي من حياتنا
مدنٌ تهاجر، خارج الخرائط
وبشرٌ، يموّهون وجوههم
ليخدعوا الضوء
قتلى، يحاولون العودة
إلى الحياة
وأحياء، يسعونَ إلى الموت
بخفّةٍ عجيبةٍ
كانَ علينا، أن نقرأَ مابين السطور
ونجلسَ تحتَ طاولة الأسفِ
لنختمَ المصحفَ اليتيم
في الغرفةِ الخاوية
فليس عاراً، أن نلوذَ بباب اللّه
حتّى إن كنـّا، نضلُّ الطريق إليه في كلِّ فكرةٍ
ترى هلْ يروقكِ هذا الكلام ؟
لتدركي كم أكسِّرُ
ّ من الآياتِ في صدري
لأكتشفَ خفَّة يدي
في عدِّ اضلاعك
وهل عليَّ، أن أطلقَ لحيتي
كي أبدو مشعّاً
حينَ تلامسين وجهي؟
هل أدركتِ الآن
أنّ الفكرة، أكبرُ من عناق
فأنا، بكلٌ ما أوتيتُ من ذنوبٍ
أعانقُ اللّه كلَّ صباحٍ
دون أن يتململَ
أو يحاولَ الهرب من بين
يديَّ الفارغتين
حينَ أَرومُ عناقَهُ ثانيةً

2022/09/08

رسالة إلى عاشقة افريقية


 إذا لمحتِ يا حبيبتي بسُمرتيِ

علامات الشقاءْ
وحزّ قلبك الحنين غامضا
فعطّري المكان بأسطورة
زنجيّة بموطني
وصعّدي النشيد عاليا
على مدارج البقاء لحظة
يؤوب موعدي الجميلُ بالغناءْ ..
إذا لمسْتِ يا حبيبتي عواطفي
هناك تحترقْ
وضمّ بالهوى بحاركِ الغرقْ
فدوّني حكايتي بقلبك الفتيّ
مرّة وعانقي مدائن الفلقْ
وطوّفيني مرّة بعالم الأحبابِ
كي تضمّنا مساحة النجوم
مرّة هناك في الأفقْ
إذا قرأتِ ياحبيبتي
رسالتي الأخيرة
في دُكنة السواحل البعيدةِ
في أرضنا السمراءِ
فاشرقي كشمس على مراكبي العنيدة
ودثّري حبيبتي قوافلي الشهيدة
ودوّني حكايتي التي رسمتها
هناك على مواجع القصيدة
هناك في سواد عينيك اللتينِ
تحضنان صورتي الفريدة
لا تقولي: فرحتي التي أزفها
إلى عواصمي من مغربي الكبيرْ
صدفةً أزفّها مع الأثيرْ
فأنا كما عهدتِ انتمي لحبّك الذي يحفّني
على المدى . . .
يضمني هناك موطني الكبير

أَنا لا أكتبُ شِعراً


 أنا لا أَرتعشُ خَوفاً

أنا أتوضَّأ بزَهرِ الذّاكرةِ ليَستيقظَ الدِّفءُ في خُلجانِ الزُّمردِ
لتُلوّحَ البَيادرَ للمُقلِ
لتُمطرنِي المَشاويرُ الحَالمةُ
أريجَ مَسَاءٍ يؤسسُ لليَقينِ
أنا لا أَبكِي حُزناً
أَنا أَشحذُ الدُّموعَ
لتَغدوَ رَاحَةُ الكفِّ أكثرَ صَلابةً
لتَستعيدَ أصَابعِي إحسَاسَها ولتَتحدَّثَ شِفاهِي عن احتجَاجِ العَصافيرِ علَى غَاراتِ الصَّيادينَ المُباغِتة
أنا لا أَصرخُ غَضباً
لكنِّي أُدرِّبُ الصَّوتَ على التَّسللِ في ثُقوبِ المُدنِ المُتعبةِ
أُرصِّعُ شُقرَةَ القَمحِ بصَمتٍ سَديمي
وكُلَّما دَاهمنِي خِداعُ التَّفاصيلِ أعُودُ للمرآةِ لأتفقدَ مَلامحِي
أنا لا أَترنحُ تَعباً
أنا أحرِّضُ الفَراشاتِ
لكي تَطيرَ وتَنعمَ باللَّيل
أَسيرُ مع سَحابةٍ مُرتعشةٍ تَبحثُ عن زَوراقِ البَنفسجِ
أُتابعُ أَسرابَ الشَّحارِيرِ المُغادرةِ..
معي رَأسِي الذي يَدورُ ويَدورُ مَعَ الرِّياحِ
أنَا لا أَكتبُ شِعراً
أَنا فقط أُراقصُ وهنَ الحُروفِ المُعتلةِ..
أَتساءلُ عن زَعانفِ الأَفعالِ النَّاقصةِ
أُشاكسُ جُدرانَ الدَّهشةِ..
أمشّطُ بالكَلمةِ والمَعنَى
زفيرَ الشَّارعِ
شَهيقَ السُّوق
وشَكوَى الرَّصيفِ..
أسكبُ أقداحَ تَشرُدِي
وأعزفُ إيقاعِي الخَجول..
لعلَّ الجِراحَ تَتَخدّرُ بالقَصيدة

سيأتي المطر لأنّ الأشجار قُتلت


 أخبرني المطرُ أخيرا أنّهُ سيأتي

سيأتي بقميصِه الأبيض وعينيه المبلّلتين بالنّعناعِ
سيأتي راكضا
لِمَ لمْ ينهضوا باكراً ولمْ يفترشوا ألسنتَهم أمامَ الأبواب؟
لِمَ لمْ ينثروا زغاريدَ نسائهم على التّراب؟
سيأتي لأنّ الأشجارَ قُتلت
قتل الأشجار أفظع
نام العالَمُ قبل مجيئهِ بقليلٍ تحت ظلالِ شجرةٍ لذلك هو الآن
ورقةٌ
الكونُ مجموعةُ أوراقٍ أجملُها الٓتي تسيتيقظُ عليها فراشةٌ
أنا سعيد كم لديّ من أشجار وكم يتّسعُ نصّي للمطرِ
تموتُ الأشجار ُ
تحيا الأشجارُ
نحبّهم جميعاً
الّذين ينثرونَ لنا الدّيدانَ خلفَ الشّبكةِ
إنٓهم لا يعلمون كم نُحبّٓ الشّبكةَ
كم تكرهنا الشّبكةُ
ابدأْ إذن بالرٓقص دونما تفكيرٍ بأيّ حذاء
يا للشّمس!
انا مثلهم
أفكّر بالنّاي
بالزّورق
بآرثر رامبو
بفرلان
لكنّي أفكّرُ جدّيا بنسيانِهم
وصلَ المطرُ ونسيتُ حتٓى ما كنتُ بصددِ حفرِه